samedi, février 23, 2008

هنيئا لنا بهدم سوق العوينة بتطوان



الدكتور امحمد بن عبود

يعتبر هدم سوق العوينة بتطوان حدثا صارا وهاما للحفاظ على مدينة تطوان العتيقة وطابعها التراثي العالمي. إن المجتمع المدني الذي طالب بهدمه منذ تنفيذ قرار بنائه يحتفل اليوم بموقف المسؤولين الذين اتخذوا هذا القرار وعلى رأسهم السيد الوالي الذي أشرف على العملية والسيد رئيس الجماعة الحضرية بتطوان الذي اتخذ هذا القرار رغم اختلاف بعض أعضاء المؤسسة التي يشرف عليها في الرأي. ولقد كان دور الوالي حاسما أيضا عندما أمر بفتح باب يؤدي إلى سجن المطامر وهو أول خطوة في تحقيق مشروع متحف المطامر الذي يطالب به المجتمع المدني من خلال جمعياته كجمعية تطاون أسمير.
ورغم اختلافنا مع المسؤولين والمؤسسات المحلية فيما يخص بعض جوانب مشروع إنقاذ المدينة العتيقة ومآثرها التاريخية، فإننا نرحب ببعض الخطوات التي اتخذتها لجنة المدينة العتيقة التي يشرف عليها كل من السيد الوالي والسيد رئيس الجماعة الحضرية وأطر ولاية تطوان والجماعة الحضرية بتنسيق مع مجموعة من المؤسسات والجمعيات المحلية والوطنية، بل والدولية.
نذكر من بين المشاريع التي ستنطلق أشغالها قريبا إن شاء الله إنجاز مشروع ماء السكوندو بغلاف مالي قدره مليار من السنتيم ومشروع ترميم مقابر المجاهدين الغرناطيين بمبلغ 150 مليون سنتيم تمولهما وكالة الشمال ومشروع تهيئة شارع لنيطا وشارع العيون من باب المقابر إلى ساحة السوق الفوقي ومن هذه الساحة إلى باب النوادر وترميم واجهات المتاجر بساحة الغرسة الكبيرة على أن تستكمل العملية لاحقا بتهيأة الساحة إثر إخلائها من الباعة إن شاء الله وذلك بتمويل الحكومة الجهوية الأندلسية بمبلغ مالي هام، علاوة على مشروع ترميم أسوار المدينة العتيقة وأبراجها الذي تشرف ولاية تطوان على إنجازه بتنسيق مع مؤسسات أخرى كمندوبية وزارة الثقافة. كما سيرى النور قريبا مشروع تأسيس متحف روحي بعد إنهاء أشغال ترميم مدرسة لوقش وجامع لوقش وهو مشروع مولته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمبلغ يفوق المليار سنتيم كما انطلقت أعمال ترميم أقدم مسجد بالمدينة العتيقة وهو جامع القصبة الذي بناه المنظري في القرن السادس عشر. وبهذه المناسبة قدمت عائلة لوقش بتطوان وجمعية تطاون أسمير رسالة شكر إلى وزير الأوقاف بمناسبة هذا الإنجاز الهام.
وإذا قامت الجماعة الحضرية وغيرها من المؤسسات المحلية والوطنية بإنجاز مشاريع التهيئة والترميم بمدينة تطوان العتيقة فهذا من حقها وواجبها، فالجماعة الحضرية مسؤولة على تدبير شؤون المدينة العتيقة والحفاظ على تراثها ومآثرها التاريخية. ولهذا السبب فإن الجمعيات غير الحكومية تطالب هذه المؤسسة وتحاول أن تتعاون معها في تحديد المشاريع ذات الأولوية وتهنئ هذه المؤسسة كلما تحققت خطوة إلى الأمام في هذا الاتجاه. وهذا الموقف لا يتناقض مع مواقف الانتقاد لأننا نرى في هذه الجمعيات أن النقد البناء شرط ضروري لتغيير المواقف نحو ما هو إيجابي و أفضل، فنحن نغير مواقفنا اعتمادا على القناعات والمبادئ وليس خضوعا للضغوط.
كما أن نفس الجمعيات التي تنتقذ مواقف المؤسسات المحلية إذا كانت سلبية ترحب وتهنئ هذه المؤسسات عندما تغير مواقفها لتأخذ اتجاها إيجابيا في مجال إنقاذ مدينة تطوان العتيقة المصنفة ضمن التراث العالمي. فلقد عرف مثلا موقف الجماعة الحضرية تحولا خلال السنة الجارية فيما يخص مجال التعاون الوطني والدولي في التعامل مع المدينة العتيقة، كإشراك وكالة الشمال والحكومة الجهوية الأندلسية في الدراسات وإنجاز مشاريع التهيئة والترميم داخل أسوار المدينة.
و يعتبر دور السيد الوالي أساسيا في التنسيق بين الأطراف المعنية من جهة ومتابعته لعدد من الخطوات التي لولا جهوده لما انطلقت أشغالها.
ونظرا للنتائج الإيجابية التي بدأت ترى النور فالمطلوب من المؤسسات التي تهتم بالتراث الثقافي للمدينة العتيقة أن تتعاون معه أكثر من أجل إنجاز مشاريع أخرى كتهئية المقبرة الإسلامية وتأسيس متحف المطامر وتنظيم التجارة بالمدينة العتيقة والسعي في تأسيس مؤسسة متخصصة لإنقاذ المدينة العتيقة وتأسيس متحف للمقاومة وجيش التحرير والحركة الوطنية بدار ابن عبود بحي جامع الكبير وهو أحد منازل المدينة العتيقة الجميلة التي تبرعت به عائلة ابن عبود للمندوبية السامية من خلال أرملة الدكتور أحمد بن عبود وبواسطة السيد الوالي لتأسيس هذا المتحف.
ولذلك فإن المجتمع المدني بتطوان يشكر جميع المسؤولين وعلى رأسهم السيد الوالي على مجهوداتهم من أجل إنقاذ المدينة العتيقة والحفاظ على مآثرها التاريخية خصوصا وأن جلالة الملك محمد السادس يبارك بهذه الخطوات نظرا لعطفه على الأقاليم الشمالية عموما بما فيها مدينة تطوان. وتشير التحولات الأخيرة التي أشرنا إليها أعلاه أن المسؤولين المحليين فهموا ما يطالبه المجتمع المدني لمدينتنا العتيقة، خصوصا وأن الجامعة وبعض الجمعيات كجمعية تطاون أسمير وغيرهما قد أنجزا ما يكفي من الدراسات والأبحاث والأطروحات الجامعية لتتضح صورة الرؤية لمشروع مستقبلي لإنعاش المدينة العتيقة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا للمحافظة على تراثها العالمي على أرض الواقع.
نرجو أن نحتفل بالبناء مستقبلا.
Posted by Picasa